أنشودة الليل

عَيْنَايَ تُغْمِضُ، وَاللَّيْلُ يَسْرِي

كَـنَجْمٍ هَادِئٍ فِي صَمْتِ بَحْرِ

رِيحٌ خَفِيفَةٌ تُدَاعِبُ الأَجْفَانْ

تَهْمِسُ: "نَمْ، فَالْكَوْنُ فِي أَمَانْ"


السُّحُبُ تَسِيرُ، وَالْقَمَرُ يَخْفَى

وَيَسْتَلْقِي فِي هُدُوءٍ عَلى طُرْفَى

طُيُورُ السَّمَاءِ غَطَّتْ فِي نَوْمٍ

وَكَأَنَّ اللَّيْلَ يَحْكِي عَنْ حُلْمٍ


يَا نَفْسِي، دَعِي الهَمَّ يَذُوبُ بَعِيدًا

فَاللَّيْلُ صَدِيقٌ لِلْقَلْبِ التَّعِيدَا

دَعِي الأَحْزَانَ خَلْفَكِ كَـنَجْمٍ شَرِيدْ

وَنَامِي، فَفِي الصُّبْحِ أَمَلٌ جَدِيدْ


أَغْمِضْ جُفُونَكَ، وَاسْتَسْلِمْ بِهُدُوءْ

فَفِي اللَّيْلِ يَكْمُنُ سِرُّ النَّقَاءْ

نَوْمُكَ جِسْرٌ نَحْوَ دُنْيَا جَدِيدَةْ

حَيْثُ تَحْمِلُ الرُّوحُ سَكِينَةً سَعِيدَةْ


نَمْ، وَدَعِ الأَحْلَامَ تَحْمِلُكَ فِي طَيْفٍ

كَفَارِسٍ تَاهَ فِي حُلْمٍ طَرِيفٍ

وَسَتَصْحُو غَدًا، وَالشَّمْسُ تَبْتَسِمُ

وَالْأَمَلُ يَزْهُو، وَالْقَلْبُ يَنْعَمُ


نَمْ، فَالصَّمْتُ يُغَنِّي نَشِيدَ السَّلَامْ

وَعِنَاقُ الظَّلَامِ أَجْمَلُ الأَحْلَامْ

مَا اللَّيْلُ إِلَّا رَاحَةُ الْكَوْنِ كُلِّهِ

فَغُفْوَتُكَ تُحْيِي أَسْرَارَ نَفْسِكَ وَكُلِّهِ


أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ، وَدَعِ الهُمُومَ تَنْسَابْ

فَغَدًا يَأْتِي بِالأَفْرَاحِ وَالأَسْبَابْ

نَمْ، وَدَعِ الْوَقْتَ يَمْضِي كَالسَّحَابْ

فَفِي كُلِّ غُفْوَةٍ حُلْمٌ يُعَانِقُ الشَّبَابْ


تمتع بقراءة أنشودة الليل

وصف القصيدة:


تأخذنا قصيدة "أنشودة الليل" في رحلة هادئة وساحرة إلى عالم من السكون والطمأنينة، حيث يصبح الليل صديقًا وفيًّا يحمل في طياته الراحة والأمان. توظّف القصيدة صورًا شعرية رقيقة مثل "ريح خفيفة تداعب الأجفان" و"القمر يختفي بهدوء" لتجسيد لحظات السكينة التي تسبق النوم، مما يجعل القارئ يشعر بأن الطبيعة بأكملها تنام معه، ويتخفف من أعباء يومه.


تعتمد الأبيات على إيقاع متناغم يتدفق بسلاسة، ما يعكس الإحساس بالاسترخاء والهدوء. تكرّر القصيدة دعوة الإنسان إلى ترك الأحزان جانبًا والاستسلام للنوم بثقة، لأن الغد يحمل بدايات جديدة وأملًا متجددًا.


من خلال استخدام ألفاظ مثل "نَمْ، فالكون في أمان"، و"الصمت يغني نشيد السلام"، تنسج القصيدة صورة الليل كحضن دافئ يغمر الأرواح المتعبة. كما تُبرز فكرة أن النوم ليس مجرد راحة للجسد، بل هو جسر نحو عالم الأحلام الجميلة، حيث تجد النفس ملاذها بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية.


في النهاية، تضع القصيدة لمسة من التفاؤل، مؤكدّة أن كل غفوة هي فرصة للتجدد، وكل حلم هو وعد بغد أفضل. بأسلوبها الرقيق وموسيقاها الداخلية العذبة، تمنح "أنشودة الليل" القارئ شعورًا بالسلام والسكينة، وتغريه بالاستسلام لنوم هادئ وعميق.



إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم