ألا يا صَباحَ الخَيْرِ يا خَِيْتَةَ البَوَادِي
ويا رِيحَ صَحرَاءٍ تسامَتْ على الوادي
رأيتُكِ كالأطلالِ بَينَ النُّجومِ ساريةً
تُناجي ضياءَ البَدرِ في فجرِ ميلادي
أناجيكِ في ليلي وفي البَيدِ مُنطلِقًا
وفي القلبِ حبٌّ للصَحارى وأبعادي
ألا يا صَفا القَلبِ العليِّ وحيدَهُ
أُناجيكِ يا فَرَسَ الفُؤادِ وذِكرُهُ
رُويتِ من المَكرُماتِ كُلَّ مأثَرَةٍ
وزانتكِ فَخرٌ لا يُطالُ وذُخرُهُ
سَريتِ معي في كُلِّ ليلٍ مُظلِمٍ
وجُلتِ لي الدَربَ الوعرَ بعدَ تعثُّرِه
إذا ما استَطارَ الخوفُ يومًا وجاشَني
رأيتُكِ حِصنًا لا يلينُ بمصدرِه
أيا فَرَسي، فيكِ الرِّجاءُ وسَيفُهُ
فأنتِ جَناحُ العَزمِ حينَ تأزُّرِه
إذا احتدَّ شوقُ الرِّياحِ تسعينَ مثلَها
كأنَّكِ بَرقٌ في السهولِ بصيرُهُ
عرَفتِ القِفارَ والمَنايا جَبينُها
وكُنتِ لِسانَ الدهرِ في كُلِّ أُعصُرِه
ورثتِ عن الأَجدادِ مَجدًا وأصلَهُ
وصُنتِ عَزيزَ الجودِ والعَزمِ خُبْزَرِه
فَلستُ أُفارقُكِ يومًا وإن نَأتْ
بمَضرِبِها الأَيَّامُ أو بعدَ مُصدَرِه
لقد كنتِ في الهيجا سِلاحًا مُسلَّطًا
وفوقَ الوَغى كانت يدايَ مُزهِرِه
أُطاردُ فيكِ النصرَ والحقَّ صائِلًا
فأنتِ لظى الشَّوقِ الذي لا يَفتُرِه
إذا ما ارتحَلتُ فأنتِ شمسٌ لمِضربي
وفي ليلِ هَمِّي كنتِ بَدرًا مُنيرَه
وفي الوَغى، أنتِ العُقابُ المُحلِّقُ
تُطاردينَ الظلمَ حتى تُسقِطِه
وفي السَّبْقِ يا نورَ العُيونِ مُسرعَةً
كأنكِ نَجمٌ في الفَضاءِ يَشتَعِلُ