الليلُ يبكي حُبَّنا
والنجمُ شاهدُ سرِّنا
يا ليلى هل تسمعين؟
همسَ الأشواقِ في وجْدِنا
يا ليلى، يا قمرَ السماء
قد صغتُ قلباً من نداء
يحكي الحنينَ على شَفتي
ويروي الشوقَ في أصدائي
آهٍ على ليلٍ طويل
يمحو الصباحَ بلا دليل
يا ليلى، عودي كي أرى
نوراً يُحيي فيَّ الجميل
حكايتنا تروي العِتاب
وصدى الهوى يُحيي الغياب
يا ليلى، كوني بين يديّ
واغفري لي زلّاتِ الشباب
الليلُ يسأل عن أمانينا
والعمرُ يمضي في أغانينا
يا ليلى، أين وعدُ البقاء؟
أين النبضُ الذي كان يُحيينا؟
يا ليلى، كوني نبضَ القلب
عودي وكوني رُوحي والحب
فإنَّ العمرَ بلا عينيكِ
ليلٌ يُعاقبُ صبرَ القُرب
مقدمة :
الطرب العربي الأصيل يحمل في ثناياه مشاعر عميقة وحنينًا يعبر عن أعمق ما يجول في النفس البشرية. قصيدة الليلُ يبكي حُبَّنا تمثل نموذجًا مميزًا للأغنية الطربية التي تجمع بين جمال الكلمة وعمق المعنى، مما يثير فينا إحساسًا الحزن الممزوج بالأمل.
البناء الفني للقصيدة:
القصيدة تأخذ قالبًا كلاسيكيًا يعتمد على توازن الأبيات وتناسق القافية، مما يجعلها ملائمة للتلحين الطربي الأصيل. تبدأ القصيدة بصورة حزينة للّيل الذي يبكي على حبٍّ مفقود، ليصبح الليل رمزًا للشجن والذكريات المؤلمة.
"الليلُ يبكي حُبَّنا
والنجمُ شاهدُ سرِّنا"
في هذين البيتين، نرى التوظيف البارع للطبيعة كمرآة تعكس مشاعر العاشق. الليل والنجم يحملان دلالات رمزية عن السكون والحوار الداخلي.
الحنين والصراع في النص:
تظهر القصيدة صراعًا بين الحنين إلى الماضي والألم الناتج عن الفقد. الحبيب يتوسل عودة ليلى، التي تمثل رمزًا للحب الضائع، فيقول:
"يا ليلى، عودي كي أرى
نوراً يُحيي فيَّ الجميل"
هذا الرجاء يعبر عن حالة إنسانية شاملة تتجاوز حدود الزمان والمكان، حيث يبحث الإنسان دائمًا عن عودة ما فقده.
القوة التعبيرية:
القصيدة مليئة بالصور الشعرية القوية والتعبيرات العاطفية الصادقة، مثل:
"الليلُ يسأل عن أمانينا
والعمرُ يمضي في أغانينا"
هذه الصورة ترسم لنا لوحة مليئة بالشجن، حيث يبدو الليل كأنه كائن حي يسائل الحبيب عن أحلامه التي ضاعت في زحمة الأيام.
توظيف الموسيقى الداخلية:
استخدام القافية السلسة والموسيقى الداخلية في النص يجعل القصيدة تنساب في أذن المستمع، مما يمنحها إمكانية كبيرة للتحول إلى أغنية طربية.
ملاءمتها القصيدة للحن:
قصيدة الليلُ يبكي حُبَّنا تناسب ألحانًا طربية تأخذ الطابع الحزين، مثل ألحان رياض السنباطي أو محمد عبد الوهاب، حيث يمكن أن تتماشى مع مقام "البيات" أو "الصبا"، اللذين يعكسان الشجن في الموسيقى العربية.
الخاتمة:
قصيدة الليلُ يبكي حُبَّنا ليست مجرد كلمات بل هي انعكاس لعاطفة إنسانية عميقة تصل إلى أعماق النفس. بمزجها بين الشجن والرجاء، يمكن أن تصبح هذه القصيدة أغنية خالدة تضاف إلى قائمة روائع الطرب العربي الأصيل. هي دعوة إلى استعادة جمال الكلمة واللحن في زمن يطغى فيه الإيقاع السريع على المشاعر.