يَا نَجْمَةَ الليْلِ لَا تَغِيبِي
سَامِرِينِي وَكُونِي قَرِيبَه
خُذِينِي لِحُضْنِ الذِّكْرَيَاتِ
وَاسْقِينِي مِنْ شَهْدِ الْحَبِيبَه
يَا صَوْتَ الْحَنِينِ فِي الْمَسَاءِ
يَهْمِسُ كَأَنَّهُ رَجَاءُ
يَرْوِي قِصَصَ عِشْقٍ مَضَى
وَيُعِيدُ الدَّمْعَ لِلْبُكَاءِ
آهٍ يَا لَيَالِي الْهَوَى
يَا حُلْمًا غَابَ فِي السَّمَا
عُودِي بِرُوحِكِ لِلْحَنِينِ
وَخُذِي الْقَلْبَ لِلْهَنَا
يَا مَقَامَ الرُّوحِ غَنِّ
وَأَسْكِنِ الْآهَاتِ مِنِّي
نَغَمُكَ يَمْسَحُ الْعَذَابَ
وَيَرْوِي الْقَلْبَ بِالْمَحَبَّةِ
يَا زَهْرَةَ النَّهَارِ فِي الرُّبَى
تُشْبِعُ الرُّوحَ بِالْهَوَى
تُذَكِّرُنِي بِعَهْدٍ جَمِيلٍ
وَبِوَعْدٍ صَافٍ كَالضِّيَا
يَا طَيْرَ الْهَوَى عَلَى الغُصُونِ
غَرِّدْ لِلْحُبِّ فِي السُّكُونِ
أَخْبِرِ الدُّنْيَا بِقِصَّتِنَا
وَاجْمَعِ الشَّمْلَ بِالْحَنِينِ
لَيْلِي يَسْأَلُ عَنْكَ بُعَادًا
وَقَلْبِي فِي صَمْتِهِ تَشَظَّى
عُدْ لِتَكُونَ نَجْمَتِي الْوَحِيدَةَ
وَأَحْكِ لِي حُبًّا قَدْ تَرَبَّى
يَا قَصِيدَ الرُّوحِ طُفْ بِي
وَكُنِ النَّغْمَةَ فِي دَرْبِي
عَزْفُكَ يُبْرِئُ الْجِرَاحَ
وَيُحَلِّقُ بِالرُّوحِ كَالطُّيُوبِ
المقدمة: وصف للقصيدة:
هذه القصيدة تفيض بمشاعر الحب والحنين، حيث ترسم لوحة شاعرية تمزج بين جمال الطبيعة وصفاء الروح وبين لوعة الفقد والشوق. يظهر في أبياتها صوت محب مشتاق يخاطب كل عناصر الطبيعة كأنها تحمل رسائل من الماضي الجميل. تتناول القصيدة موضوعات العشق والذكريات والآمال، من خلال حوار شاعري مميز بين الشاعر والنجوم، الزهور، الطيور، والليل.
القصيدة بين الشوق والحب:
الحنين إلى الماضي:
الشاعر يستحضر الذكريات الجميلة من الماضي، مستعيدًا لحظات دفء الحبيب وشهد الأيام التي كانت مليئة بالحب والسكينة. يظهر ذلك في مخاطبته للنجمة التي تمثل رمزًا للثبات والتواصل بين الحاضر والماضي.
مناجاة الطبيعة:
تتجلى الطبيعة في القصيدة كمصدر للإلهام والشوق؛ النجمة، الزهرة، الطير، كلها عناصر تحاكي مشاعر المحب، فيعيد من خلالها ذكريات الأمل والبهجة. كما أن الليل يُطرح كصديق يسأل عن البعاد، والطيور تغرد للعشق وتروي قصص الحب الضائع.
العزف على أوتار الحزن:
الحزن في القصيدة ليس استسلامًا بل هو وسيلة للتعبير عن اللوعة والاشتياق للحبيب، حيث يعيد الشاعر رسم ملامح العشق من خلال الدموع والصوت الحزين. المشاعر هنا ليست جامدة، بل ديناميكية تنبض بالحياة.
الأمل والوصال:
رغم ما تحمله القصيدة من شوق وحنين، إلا أن الأمل يتخللها كنسمة لطيفة. الشاعر يدعو للعودة، للجمع بين الأحبة، ولإعادة البهجة والهناء للروح. يظهر هذا جليًا في مناجاة الشاعر للحنين بأن "يأخذ القلب إلى الهنا".
جماليات اللغة في القصيدة:
التشبيهات والاستعارات:
تمتلئ القصيدة بصور بلاغية رائعة؛ حيث يشبه الشاعر الذكرى بـ"الشهد"، والحب بـ"النغمة"، ما يمنح النص عمقًا عاطفيًا ولغة شاعرية تجذب القارئ.
الموسيقى الداخلية:
القافية المتناغمة والوزن المتناسق يضفيان على القصيدة إيقاعًا موسيقيًا يأخذ القارئ في رحلة حالمة بين الحب والذكرى.
استخدام الطبيعة كرمز: الطبيعة هنا ليست فقط خلفية للأحداث، بل شريك في التعبير عن المشاعر. النجوم والزهور والطيور تتحدث مع الشاعر وكأنها كائنات حية تفهم شجونه.
الخاتمة : الرسالة الشعورية:
القصيدة تحمل رسالة واضحة بأن الحب والحنين هما قوى تربطنا بماضٍ جميل قد نفتقده، لكنها تمنحنا الأمل والقدرة على مواصلة الحياة. هي دعوة للحفاظ على الذكريات الجميلة في القلب مهما كان البعد والفقد، لأن الحب الحقيقي يظل دائمًا النجم الذي ينير دروبنا.